27‏/02‏/2008

المقاطعة والدانمارك


أتوقف كثيرا عند دعوات المقاطعة الاقتصادية للدنمارك، بل والدعوات لقطع العلاقات السياسية والدبلوماسية وإن كانت قد خفتت لعدم جدواها فالحكومات العربية التي لم تأبه للاعتداءات المتكررة على الإسلام لا أمل في تحركها للدفاع عن الرسول ولو حتى بالكلمة، أتوقف عند هذه الدعوات وأسأل نفسي هل هذا هو الحل الأمثل؟ هل يمكننا أن ننام بضمائر مرتاحة بعد أن قاطعنا الجبنة والسمن والشيكولاتة ونصرنا نبينا وحققنا انتصارا غاليا على أوغاد الدنمارك؟ ماذا سنفعل مع الدول الأوروبية الأخرى التي نشرت الرسوم المسيئة؟ هل سنقاطع أوروبا كلها؟

كلامي هذا ليس ضد المقاطعة ولا تقليلا من شأنها فأنا أول مؤيد لها، ولكن هل يمكن لمصر التي تستورد اللبان والأساتيك من الخارج أن تنظم حملة مقاطعة اقتصادية قوية بل وتقود الدول الإسلامية لحملة أكبر ضد أي شخص يتطاول على الإسلام؟ هل يمكن وصناعاتنا الوطنية العربية مدمرة وليس لدينا أية قوة اقتصادية فعلية سوى القوة الاستهلاكية؟ هل يمكننا مثلا أن نستغني عن أوروبا وأمريكا اقتصاديا؟

ليست دعوى للاستسلام بقدر ما هي دعوة للنظر إلى الواقع وتغييره فلا يجب أن نكتفي بمقاطعة البضائع الاستهلاكية (التي حققت مقاطعتها خسائر اقتصادية كبيرة بالفعل منذ عامين) بل يجب أن لا نستهين بقدراتنا كأمة، ونعيد صنع مجدنا وقوتنا، ليس هذا كلاما للشعر، بل هو الواقع، فالعالم الآن لا يعترف سوى بالقوى والتكتلات، فهل يجرؤ مثلا أحد في أوروبا أن يوجه نقدا لمسألة الهولوكوست المزعوم دون أن يواجه ضغوطا عنيفة من داوئر صهيونية وغير صهيونية وقوى ضغط أخرى تجبره على التراجع أو تحاصره ، أما الآن فعندما يرسم أحدهم كاريكاتير مسيئا للإسلام أو لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم يصبح بطلا قوميا ونموذجا يحتذى به لحرية التعبير والنقد في مواجهة التطرف الإسلامي، فهل يمكننا تغيير هذا الواقع؟

المقاطعة سلاح أساسي لبداية المعركة، فهي معركة ضد ديننا وثقافتنا وهويتنا، فالإسلام ليس دينا عاديا بل هو ثقافة وحضارة، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس شخصا عاديا بل هو النبي والمعلم والقائد والإنسان، ولكن المعركة يجب أن تكون على أساس التكافؤ وتوازن القوى فلنبني أنفسنا ولنعيد مجدنا، ولنتخلص من الحكام الخونة والخانعين، ونبني أمة إسلامية حقيقية، قوة عسكرية واقتصادية في الحسبان، وليكن هذا هو هدفنا، هذه هي النصرة الحقيقية للإسلام وللرسول

11‏/02‏/2008

كلام في الجون



لست شغوفا بمشاهدة مباريات كرة القدم ولكني وجدت نفسي أجلس أمام مباريات المنتخب المصري بكل اهتمام، ليس هروبا من الوضع الحالي في مصر (السياسي والاقتصادي والصناعي والتعليمي وكل ما يخطر على البال) ولكنه تشبثا بالأمل رغبة في الفرح مثل الكثير من الناس، فقد رأيت الناس في الشوارع والمقاهي والبيوت، رجالا ونساء وأطفالا، يتابعون هذه المباراة، بل وحتى ممن ليس لهم اهتمام بالكرة ولا يشاهدون مباراياتها، وفي النهاية خرج الناس في الشوارع يقودون مظاهرات حقيقية فرحين.

قبل اليوم كنت أنظر للناس على أنها تفاهة وحماقة وأن الخروج في الشوارع والتجول بالسيارات والتعبير الزائد عن الفرحة هي قمة الجهل، فقط تنبهت مؤخرا أن حالة الفرح الزائدة جدا هذه ليست بسبب أن حب الكرة أو أننا قد حققنا إنجازا لم يقدر عليه الأولون ولا الآخرون، ولكن بسبب أن الناس قد يأست من كل المجالات وأصبحت تنظر لمجال الكرة أنه المجال الوحيد الذي يمكن الفوز فيه، وأن هذا الفوز برغم أنه لا قيمة له ماديا أو سياسيا أو اقتصاديا فإنه قد زرع أملا في نفوس الناس البسطاء أنه من الممكن أن نكون أفضل ليس في الكرة فقط ولكن في المجالات الأخرى أيضا، وأنه بكثير من التعب والجهد يمكن الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة وأنه لم يفت الوقت بعد، فقط في حالة وجود الإرادة القوية والرغبة الصادقة.

فالجماهير التي خرجت في مظاهرات تحمل الأعلام وتهتف بحياة المنتخب، يمكن أن تخرج لتهتف بحياة المقاومة العراقية حاملة علم العراق فقط إذا ما توافرت لها الأجواء المناسبة، فأنا اتمنى أن يأتي اليوم الذي يفرح فيه الناس بتحرير العراق أكثر مما يفرحون بالكرة ويحزنون على غزة أكثر مما يحزنون على الخسارة وهو ليس ببعيد