20‏/01‏/2009

حديث الانتصار: إنها حقا معركة الفرقان

لماذا أقول الانتصار؟ لو نظرنا إلى التاريخ القريب، مثلا إلى مدينة بورسعيد في حرب 1956، من منا لا يسمي صمود المدينة أمام جيوش انجلترا وفرنسا انتصارا، ومن منا لا يقول كلمة بورسعيد الباسلة، وبرغم عدد الشهداء الكبير جدا وبرغم الخسائر المادية الرهيبة، مازلنا ندعوه انتصارا
ولو نظرنا إلى مدينة السويس في حرب 73، فبرغم الحصار للمدينة والمحاولات المستميتة لدخولها من قبل الجيش الصهيوني، فقد صمدت المدينة صمود الأبطال
إذن فحسابات النصر والهزيمة لا تقاس بالخسائر المادية ولا البشرية، إنما تقاس بمدى تحقيق كل طرف لهدفه، وتحقيق التوازن العسكري ليس مطلوبا دائما إنما المطلوب هو تحقيق توازن الرعب،
فهل حقق الكيان الصهيوني أهدافه؟ لقد رأينا كيف انخفض سقف مطالب الكيان من "إنهاء سيطرة حماس"، إلى "إضعاف حماس"، ثم "إيقاف الصواريخ"، ثم "الحد من إطلاق الصواريخ"، ثم خرج أولمرت بعد كل هذا ليعلن تحقيق معظم الأهداف بينما كانت الصواريخ تسقط على المدن الصهيونية في لحظة خطابه

وماذا عن المقاومة؟ منذ بداية اليوم الأول للحرب ومطالب المقاومة هي وقف العدوان والانسحاب وفك الحصار وفتح المعابر، وظلت هذه المطالب لم تتغير حتى اليوم الأخير، وقد أعلن أولمرت وقف إطلاق النار من جانب واحد ليحرم المقاومة من إجبار الكيان على تنفيذ مطالبها، وهو ما يعكس واقعا حقيقيا على الأرض، بل وفرضت المقاومة واقعا جديدا ووسعت من مدى صواريخها وحققت عمقا استراتيجيا بهذه الصواريخ، فلا يعقل إذن أن يظل المهزوم متمسكا بمطالبه، ولا يعقل أن يخفض المنتصر من سقف مطالبه
فهذه المعركة هي نوع من عض الأصابع ومن يصرخ أولا هو الخاسر

معركة الفرقان كان اختيار اسم المعركة موفقا إلى حد كبير، فالاسم فضلا عن كونه يحمل دلالة إسلامية واضحة، فهو يعبر عن الواقع، فالمعركة هي علامة فاصلة في تاريخ الكيان الصهيوني سواء انتصر أو انهزم، فانتصاره سيكون بالقضاء على المقاومة التي ستذهب فداء لصحوة العالم الإسلامي، وهزيمته تعني اندحاره أمام قوة لا تقارن عسكريا بترسانته الجبارة ولا بالحروب التي خاضها ضد دول عربية كثيرة وخرج منها منتصرا، وتعني انكماشه ووقف تمدد أحلامه ، وكلنا قد رأى ماذا حدث للكيان بعد هزيمته على يد حزب الله منذ عامين

البعد الآخر هو أن المعركة قد صنفت الجميع على المستويين العربي والإسلامي، إما مع المقاومة أو ضدها، إما أبيض أو أسود، واختفى اللون الرمادي الذي كانت يتخفى خلفه الكثيرون، وسقطت كل الأقنعة، وظهر الجميع على حقيقتهم- وإن كانت انتماءاتهم معروفة سلفا- من كتاب ومفكرين وصحفيين وعلماء،وخاصة العلماء، وأعني بذلك علماء الدين، فقد خضعوا لفرز شعبي دقيق
أما الأنظمة الحاكمة فقد انقسمت إلى ثلاث مجموعات: مجموعة أعلنت عمالتها وجهرت بها، ومجموعة أخرى اكتفت بالصمت، والمجموعة الثالثة حاولت أن تلعب دور البطولة الزائفة في نفس استضافتها لقوات أجنبية أو خضوع بعض أراضيها للاحتلال، ولكن الثابت أن معظم الأنظمة العربية قد رضخت تحت الضغوط الشعبية لتعديل مواقفها الجبانة، وقد بدأ صبر الشعوب ينفذ، واهتزت العروش وبدا أن وجود هذه الأنظمة لن يطول في ظل وجود بدائل مقاومة، فبعد سنوات طويلة من المفاوضات والمبادرات والشجب والتنديد، أيقنت الشعوب أن الحل هو في المقاومة فقط لا غير، وأن الموت ألف مرة أفضل من العيش في ساعة من الذل، وأن المنتصر هو من يفرض شروطه، فهل يتحول هذا الإدراك إلى فعل؟

عصر المقاومة لو سألنا أنفسنا سؤلا واحدا هو لماذا تتمتع المقاومة عموما وحماس خصوصا بهذه الشعبية الكاسحة في الأوساط العربية وفي الوسط الفلسطيني؟ الإجابة ببساطة أن هذه المقاومة تعبر عن إرادة شعبية مخالفة لإرادة الخضوع والذل والعمالة للأنظمة العربية، لذلك نرى هدف العدو الأوحد هو تركيع هذه المقاومة بالضغط على الشعوب، كما رأينا من القصف الصهيوني الوحشي المتعمد للمدنيين، ولكن لأن المقاومة هي "الخيار الاستراتيجي" للشعوب، فلن تركع هذه المقاومة بإذن الله، ويحق لنا أن نقول الآن أن هذا هو عصر المقاومة بامتياز

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

تحليل ممتاز ....والحمد لله الذي نصر المقاومة ورد كيد اعدائها الى نحورهم

Fahd يقول...

كلامك مظبوط

بارك الله فيك

سجود يقول...

التحليل كان رائع
وانا اتفقث معك ان الوحدة في صفوف المجاهدين
اما وحدة (عباس مع هنية ) فهادي مستحيلة لانو وااحد خاين واحد شريف