15‏/04‏/2009

حزب الله..والتمثيلية الهابطة

كلنا متابع للحرب الإعلامية المصرية مع حزب الله التي هي مجرد تصفية حسابات معه، مثلما حدث مع حماس من قبل وقت حرب غزة وكلنا يعرف كيف تمت المتاجرة بدماء الضابط المصري الذي قتل على الحدود وتصوير أن حماس قد أعطت تعليمات بقتله، بل وذهبوا إلى تسلل عناصر "تخريبية " إلى مصر للقيام بعمليات في الداخل ولكن لم يلبث أن تخلى الإعلام عن هذه الكلام فيما بعد لتطور الأحداث، فيما لم يتحدث أحد عن الانتهاكات الصهيونية "للسيادة" المصرية واختراق المجال الجوي المصري وكل ماحدث أثناء حرب غزة.

لو نظرنا إلى الأطراف التي تشترك في هذه التمثيلية: النظام المصري ، المجموعات المضادة للشيعة التي وجدت فرصة لتعبر عن نفسها دون تضييق من الأمن والتي تعتبر الشيعة هي الخطر الذي يهدد وجود الإسلام، وكذلك التيارات والفصائل التي اتهمت بدعم التشيع ودعم حزب الله مثل الإخوان المسلمين الذين ارتكب نوابهم خطأ فادحا باشتراكهم في هذه التمثيلية داخل مجلس الشعب(حتى ولو بحسن نية)  والجانب الآخر هو الجانب المدافع عن حزب الله الذي مازال يتكلم عن المقاومة وعن حرب تموز 2006 وهو بذلك يعيد النقاش في موضوعات قد أقفلت، ولم تنتبه كل هذه الأطراف إلى لعبة النظام المصري ورغبته في تصفية حساباته مع كل من اتخذ موقفا مضادا، فحماس ثم قطر(برغم أن دورها  هو مجرد محاولة للظهور)وتركيا (على استحياء) ثم حزب الله، فاللعبة واضحة وكان ينبغي ربط كل الأحداث سويا، فمازال الكثير من السياسيين يقعون في فخ تصنيف "مع أو ضد" الذي ابتدعته أمريكا "من ليس معنا هو مع الإرهاب" فمن سيدافع عن حزب الله سيتم وضعه في خانة المفرط في سيادة مصر والمتواطئ مع إيران بل وربما الداعي إلى نشر المذهب الشيعي، ومن معنا فهو سيهاجم حزب الله ويقلل من إنجازاته ويدافع عن النظام المصري وخيانته.

فلنقرأ تعليق شيمون بيريز"دع مصر وحزب الله يتقاتلان بعيدا عن إسرائيل"، وتعليق أحد المحللين في هاارتس وقت حرب غزة"المطالع للصحف المصرية يظن أن مصر هي التي تخوض حربا ضد حماس" عندها نعرف من المستفيد من هذا الوضع  ومدى تورطنا في "مستنقع مع أو ضد" مع مصر أمام حزب الله أم  مع حزب الله ضد مصر 

إن المسألة ليست يا سادة بهذه النظرة الضيقة المشتتة التي لا يفيد منها سوى العدو الحقيقي للأمة (أمريكا والكيان الصهيوني) وأي طرف لا يفهم هذه النقطة فهو مخطئ بشدة.

إن تصوير إيران على أنها العدو الأول والأوحد، في نفس الوقت يتم الحديث عن اتصالات ومقابلات مع قادة الكيان الصهيوني، لهو قمة التغييب والتدليس الذي نقع فيه، وأخاف أن يأتي اليوم اليوم الذي تصبح فيه مصر "بقعة من الديمقراطية والحضارة غارقة في محيط من الجهل والتخلف" كما كان الكيان الصهيوني يروج لنفسه من قبل، أخاف أن تتحول سوريا وقطر وأيران وتركيا وحماس وحزب الله هم الأعداء الحقيقيون والكيان الصهيوني هو الصديق والحليف وصاحب العلاقات الاستراتيجية وإن كنا اقتربنا كثيرا من هذه الصيغة.

نأتي للقضية المثارة حاليا، والتي يتهم فيها شاب لبناني من حزب الله  يقال أن اعتقاله تم قبل حرب غزة، فلو صحت هذه المعلومة -وأنا ارجح هذا- فليست هناك أية مصداقية لدى النظام المصري وإعلامه، النقطة الأخرى هو ماذا يفيد حزب الله من القيام بعمليات "إرهابية" داخل مصر حتى لو كان ذراعا لإيران – كما يزعمون- فهل يحتاج المشروع الإيراني إلى لإضعاف مصر خارجيا أو زعزعة أمنها الداخلي، إن مصر الضعيفة الهشة التي تراجع دورها الخارجي إلى أقصى حد ممكن، مصر التي على حافة انفجار شعبي داخلي، مصر في هذه الظروف توفر أفضل استفادة للمشروع الإيراني والمشروع الصهيوني والمشروع النيبالي حتى، تقزم دور مصر وانكماشها وتحولها هو الذي يساعد المشاريع غير العربية على النهوض في المنطقة، وليس ظهور إيران ومشروعها إلا نتيجة لغياب المشروع العربي –وغياب مصر بالأساس- الذي يحقق التوازن، فلا نلمومن إلا أنفسنا إذا، ولكن مع النظام المصري الذي يأبى الاعتراف بأي خطأ بل ويعمل ضد مصلحة مصر وضد مصلحة الأمة ويجهر بذلك وبفخر به، فتنقلب إيران إلى خطر وتتحول حماس إلى إمارة إسلامية إرهابية ويتحول حزب الله إلى محرض على عمليات تخريبية.

أضف إلا ذلك أنه لا يمكن الثقة بنظام قام بامداد الكيان الصهيوني بالغاز وقت حرب غزة غزة، ويقوم بمهاجمة المقاومة إعلاميا في نفس الوقت وينسب لها أشياء وهمية، ولعب دورا أساسيا في حصار القطاع حتى الآن، فهو قد تربع على عرش الخيانة للدين وللوطن.

ليست هناك تعليقات: