21‏/05‏/2010

لماذا يجب علينا مقاطعة الانتخابات القادمة?

يرفض الكثير فكرة مقاطعة الانتخابات باعتبارها نوعا من السلبية، ولأن الغالبية الساحقة من الناخبين يقاطعون الانتخابات من الأساس ولا يهتمون بأخبارها ولا يعرفون عنها شيئا، لذلك فالمقاطعة ليس لها معنى، وامتناع الناخبين عن التصويت سيؤدي إلى تزوير أصواتهم كما يحدث في كل انتخابات تقام في مصر، ويطالبون الناس بالتصويت في الانتخابات لصالح مرشحي المعارضة، ويقولون أن مشاركة أكبر عدد من الناخبين في الانتخابات ومحاولتهم تحويل دفة النتائج هي الوسيلة الأمثل للتغيير السلمي بدون أي صدامات أو مواجهات مع النظام أو الأمن، ويرى البعض أنه في حالة حدوث تزوير في أصوات الناخبين فسوف يتم فضح النظام إعلاميا ودوليا حتى تتم اعادة الانتخابات، ولربما يتكرر سيناريو الثورة البرتقالية في أوكرانيا.

وجهة نظر تحترم بالطبع ولكنها تتجاهل حقيقة مؤلمة، وهي أنه لا يمكن ضمان نزاهة الانتخابات بأي شكل من الأشكال، وأنه في الحالات السابقة في بعض الدوائر الانتخابية التي كانت تشهد اقبالا كبيرا من الناخبين بما لا يوافق هوى النظام كان يتم غلق اللجان بقوات الأمن ومنع الناخبين من الوصول بأية طريقة، والنقطة الثانية هي أنه لا يمكن اثبات أن الانتخابات تم تزويرها، فلا يوجد مراقبون ولا يوجد إشراف قضائي ولا أي صورة من صور مراقبة العملية الانتخابية، وحتى في وجود القضاة فإن الأمن يتحايل لتحقيق نتيجة متفق عليها مسبقا، واذكر في التعديلات الدستورية الأخيرة أنه تم منع القضاة من الوصول للجان الفرعية، وأعلن القضاة أن نسبة المشاركة في الاستفتاء لا تتعدى 5% من الناخبين ورغم ذلك استطاع النظام اكتساب الشرعية لهذه التعديلات وأصبحت أمرا واقعا.

باختصار طالما أن الأمن يتدخل في عملية التصويت وعرض النتائج، فإن الانتخابات هي معركة غير متكافئة
بين الناخبين وبين الأمن، ولن تكون هذه المعركة متكافئة إلا عندما يكون الشعب كله في المواجهة، لذا فإن الحل الأمثل في وجهة نظري هو اعلان جميع القوى السياسية مقاطعة الانتخابات، وعدم الاعتراف بشرعيتها من الأساس ودعوة الناس للنزول في الشوارع لاعلان رفضهم للانتخابات، كل هذا سوف ينزع الشرعية من هذه الانتخابات التي تتم برعاية النظام، ويوجد تصورين لتحرك النظام، التصور الأول هو الرضوخ للضغوط الشعبية وتعديل نظام الانتخابات، والتصور الثاني هو أن يقوم النظام بمواجهة الشعب، وهو التصور الأقرب للواقع، لهذا فيجب أن يستعد الشعب والقوى الوطنية لسلسة من الاضرابات والاعتصامات والعصيان المدني بصورة واسعة ويجب أن يرتفع سقف مطالبهم بازالة النظام بالكامل، وهذا التصور قابل للحدوث في حالة انتخابات الرئاسة، ولكن مع ذلك فأنا أرى أنه يجب مقاطعة انتخابات مجلس الشورى القادمة كـ"بروفة" لما يمكن أن يحدث.

هناك بعد أخر لا يدركه بعض الناس وهو أن أمريكا والقوى الغربية لن توافق على نجاح أي تيار يحمل مشروعا وطنيا، سواء كان تيارا إسلاميا أم قوميا أو حتى ليبراليا، فالمشروع الوطني سوف يتعارض بالضرورة مع المصالح الصهيونية والأمريكية في المنطقة، لذلك فأي تيار يضع أولوية مصالح مصر الحقيقية والحفاظ على أمنها القومي في أجندته فلن تعترف به هذه القوى حتى لو جاء بالانتخابات النزيهة، بل وقد تفرض عليه حصارا سياسيا واقتصاديا، كما يحدث مع حركة حماس منذ أكثر من ثلاث سنوات (بغض النظر عن تباين مواقف بعض التيارات مع حماس)، ولكن الثابت أن حركة حماس قد وصلت للحكم بطريقة نزيهة وكان هناك مراقبون دوليون على الانتخابات، ولكن المشكلة أن حماس لا تعترف بالكيان الصهيوني وتضع على أجندتها تحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر، وهذا هو السبب الأساسي للحصار، فلو رضخت حماس واعترفت بشروط اللجنة الرباعية (أهمها الاعتراف بالكيان الصهيوني) لتغير الوضع، فهذه القوى الدولية ليس لديها مانع في التعامل مع الإسلاميين بشرط أن يكونوا "معتدلين"، ومعنى معتدلين هنا هو القبول بالشروط الأمريكية والصهيونية، وما حدث في الصومال من اعتراف امريكا بالشيخ شريف كرئيسا لها بعد أن كان على رأس قائمة الأعداء هو مثال آخر واضح، وتاريخ أمريكا مليء بحالات دعم الأنظمة الديكتاتورية في مقابل تحقيق مصالحها، ودعم نظام مبارك ليس إلا حالة من هذه الحالات.

لذلك فالنموذج الأوكراني (المدعوم أمريكيا وأوروبيا في الأساس في مواجهة روسيا) لا يصلح للتطبيق عمليا في مصر، إلا في حالة واحدة، وهي أن ينهار النظام القائم ويقوم على أنقاضه نظام آخر موالي لأمريكا والصهيونية ملتحفا بعباءة الحرية والديمقراطية المزيفتين، واللتان سرعان ما ستنكشفان ونعود إلى خانة النظام الديكتاوري القمعي الذي يحظى بتأييد أمريكا والكيان الصهيوني.

هناك تعليقان (2):

محمد يقول...

ممكن سؤال يا أخ كريم
حضرتك تكلمت بصيغة الجمع فعمن تتحدث،وهل المعرضة لديها أى جماهيرية فى مصر،والذين يعارضون الإخوان فى دخولهم الانتخابات ليس لأنهم لم يقاطعوا الانتخابات،لكن لأنهم يا صديقى هم القوة الحقيقية فى الشارع المصرى وليس لهم قوة منافسة المعارضة مجتمعة لا تساوى ربع قوة الإخوان من أى اتجاه عن أى حزب تتحدث أنت مش مهم أى حزب المهم هل يستطيع اى حزب أن ينافس على أى شئ لا يمكن لأنه ليس لديه أى نوع من الجماهيرية كل جماهيرته عشوائية وليست منظمة.

كريم عاطف يقول...

اهلا بك أخي الكريم
بداية يجب أن تعرف جيدا أنني لست ضد الاخوان، وان كنت اختلف معهم في الأسلوب ولكنني اتفق معهم في الهدف وهو اقامة شريعة الإسلام، وأن الإسلام هو الحل

أما بخصوص سؤالك
صيغة الجمع هنا مقصود بها الشعب المصري كله، وعنوان المقال اصلا مستوحى من عنوان كتاب صدر في التسعينات للراحل عادل حسين مهندس التحالف الإسلامي والعنوان هو "لماذا يجب أن نقول لا في استفتاء الرئاسة القادم؟"
الاخوان هم بالفعل اكبر فصائل المعارضة في الشارع وهم الأكثر قوة وعددا وتنظيما ولكنهم للأسف لا يستغلون كل هذه الأمكانيات في التغيير، بل يخوضون الانتخابات التي معروف اصلا انه سيتم تزويرها وبعد أن خرج جميع مرشحي الاخوان من انتخابات الشورى وتفاخر احمد عز بانه استطاع ان يخرجهم(وهي اشارة لتدخل النظام في الانتخابات)فربما يقوم الاخوان بتكرار نفس الخطأ والدخول في انتخابات مجلس الشعب القادمة وهذا ليس هو الحل ابدا
صدقني سوف اشعر بالسعادة لو وصل الاخوان الي الحكم في مصر ولكن هذا لن يحدث طالما ظلوا يتحركون بهذا الاسلوب، فمظاهر مليونية واحدة (وبامكان الجماعة ان تنظمها) أو ربما اقل من ذلك، كفيلة باسقاط هذا النظام الهش، اما خوض الانتخابات وفضح النظام المفضوح اصلا من اكثر من 30 عاما فلا فائدة منه
فقوة الاخوان التي تتحدث عنها إذا لم تستخدم فلا قيمة لها، وعندها تصبح المعارضة- التي لا تساوي قوة ربع الاخوان في وجهة نظرك- هي التي تحرك الناس وتقود دفة التغيير، فالتغيير لا يعتمد على القوة والعدد والجماهيرية فقط بل يعتمد على الفعل فلو لم يفعل الاخوان شيئا بقوتهم وجماهيريتهم فسوف يسحب البساط من تحت أقدامهم
والجماهيرية التي تتحدث عنها ليست رصيدا في البنك أو مخزونا من البضائع، هذه الجماهيرية قد تذهب في غمضة عين أذا شعر الناس ان هناك بديلا آخر يتقدم على طريق التغيير مهما كانت قوته ومهما كان عدده ، وانت ترى معي مثلا كيف تحول البرادعي مثلا - بغض النظر عن اختلافنا او اتفاقنا عليه- كيف تحول إلى بديل يتطلع الآلاف إليه لمجرد ظهوره في الصورة، فما بالك لو سار فعلا في طريق التغيير