30‏/04‏/2009

الخيار والفاقوس في المعارضة المصرية

حقيقة لم أكن أرغب في كتابة هذا الكلام، لذلك فأنا اعتذر مبدئيا عن أي كلام قد يكون حادا أو عنيفا، ولكن بعد كل هذه المواقف وجدت نفسي مدفوعا للكتابة.

فاليوم يكون قد مضى على اعتقال أحمد الكردي أربعة أشهر بالتمام والكمال، فهو معتقل منذ الأربعاء 31 ديسمبر الماضي عندما خرج في مظاهرة لدعم غزة، ورغم خروج معظم المعتقلين في هذا اليوم بعد فترة قصيرة، إلا أن أمن الدولة وجدتها فرصة لاستمرار احتجاز أحمد بسبب نشاطه في الجامعة وقيادته أو مشاركته في الكثير من الفعاليات داخلها.

ما دفعني لكتابة هذا الكلام هو أنني اكتشفت للأسف وبعد كثير من المواقف أن المعارضة المصرية تطبق نظرية "الخيار والفاقوس"، وكنت أحسبها صفة للنظام فقط، فهذا من تيار كذا أو حزب كذا أو عضو في حركة كذا، وعلى أساس  انتماءاته يتم اختيار مستوى التضامن الذي قد يصل إلى الصمت التام، وكأن هذا المعتقل ينتمي لمعسكر الأعداء، وكأنه ليس شريكا في عمليا التغيير، وكأن هناك ليس هدفا واحدا يجمع كل المعارضين هو أنهاء حكم نظام مبارك، بل يتم انتقاء أشخاص معينين والتضامن معهم بكل الصور ونشر قضيتهم في كل وسائل الإعلام وواحياءها في نفوس الناس قدر المستطاع، ويتم تجاهل أشخاص آخرين لمجرد الاختلاف معهم أيدلوجيا أو عدم رغبتهم في الدفاع عن هذا التيار أو ذاك، أو أن القضية لن تجلب الأضواء والزخم الإعلامي المطلوب.

قد يبدو كلامي غامضا لأنني لن أذكر أشخاص أو تيارات أو أحداث بعينها، وهذا يرجع إلى عدم رغبتي في خوض جدال لا طائل منه قد يشتت أكثر مما يوحد،ولكن لو نظرنا لقضية أحمد الكردي – كنموذج للخيار والفاقوس- فسوف تتضح الصورة، فأحمد تم تصنيفه في قائمة المغضوب عليهم، فكمية التضامن معه والدفاع عنه ضئيلة للغاية ومقصورة على عدد محدود من التيارات والأصدقاء، برغم أن أحمد لم يترك قضية إلا وتضامن معها وبذل من جهده ووقته لأجلها، ولم يترك شخصا اعتقال إلا ووقف بجانبه بكل طاقته، ولم يترك شخصا تعرض للظلم في محيط من يعرفهم أو لا يعرفهم إلا وكان في صفه، باختصار لم يطبق نظرية "الخيار والفاقوس"، وبرغم ذلك فإن أصدقاء الأمس صاروا يتجاهلون قضيته ويذكرونها في أضيق الحدود، وذلك يكون بغرض إظهار حبهم للديمقراطية والرأي والرأي الآخر والتعددية والمهلبية و..و..

وكما أن هناك "مغضوب عليهم" فهناك معارضون "خمس نجوم" تلهث وراءهم  الصحف وأجهزة الإعلام في كل حركاتهم وسكناتهم وتلاحقلهم الوقفات والاحتجاجات والتضامنات متى اعتقلوا أو تعرضوا لأي أذى، ومهما طالب المدة أو قصرت، وهذا هو الطرف الثاني في نظرية "الخيار والفاقوس".

قلت إنني لن أذكر أسماء او تيارات أو أحداث برغم أن ذلك يظلم من وقفوا إلى جانب أحمد ومن يحملون اخلاصا في قلوبهم مهما كانت مرجعيتهم أو ايدلوجيتهم، ولكن الكل يعرف نفسه ويعرف مدى تطابق أفكاره ومبادئه التي يعلنها مع ما يفعله في الواقع، الكل يعرف متى تخاذل عن هذا أو ذاك لسبب يبطنه في نفسه ويظهر عكسه.

الموضوع كبير ومؤلم، ومسالة أحمد هي أبسط ما فيه، فهو معتقل منذ أربعة أشهر فقط!! فماذا عن بهاء فزاع المعتقل منذ خمسة أعوام؟ وماذا عن مجدي حسين المحكوم عليه بالسجن لمدة عامين بعد محاكمة عسكرية ملفقة بتهمة الدخول إلى غزة.

لماذا لا نتجرأ ونعلن بكل صراحة أن حزب العمل الإسلامي (نعم الإسلامي) الذي أتشرف بالأنتماء  له هو على رأس قائمة "المغضوب عليهم"، طبعا هناك الكثيرين في هذه القائمة ممن لا ينتمون للحزب من قريب أو من بعيد أو مستقلين أو من تيارات أخرى، لا يتسع المجال لذكرهم هنا، ولكنهم معروفين لكل شخص داخل صفوف المعارضة المصرية.

لا أريد أن أطيل في هذا الموضوع فهو مجرد تنفيس عما بداخلي مما أراه وخاصة ما يتعرض له أخي أحمد الكردي الذي أزعم أنني قريب إليه للغاية، واعده من أقرب الناس إلى قلبي، فكما قلت من قبل قهو أخي الذي لم تلده أمي، فقط أريد أن اقول في النهاية أننا لا ننظر إلى تضامن أو نسعى إلى وسائل الإعلام أو أن نكون من  قائمة "الخمس نجوم" لأننا لا نبتغي مما نفعله إلا وجه الله تعالى، ولا نهدف إلا عزة الأمة وقوتها، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وكم من أبطال وعظماء أعظم منا جميعا لم ينصفهم التاريخ أو تجاهلوهم المعاصرون، وكم من سفهاء وضعهم البعض في مصاف المناضلين الأبطال.

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

السلام عليكم
لو أن صحفيا غير مجدى حسين هو الذى تم حبسه سنتين عسكرية لرأينا كل يوم البرامج التلفزيونية وندوات الصحفيين التى لا تنقطع ، ومجدى حسين نفسه لم يترك محبوسا أو معتقلا إلا وتضامن معه بغض النظر عما إذا كان يعرفه أم لا ، لكن أصحاب المبادئ لا ينتظرون من أحد أن يقف معهم أصحاب المبادئ يقفون مع كل الناس مهما كانت درجة الخلاف ، ولا تصدق أن فى مصر معارضة .. المعارضة ماتت وصليت عليها الجنازة اللهم فك أسر مجدى والكردى ودومة والشاطر ورفاقه اللهم آمين .