18‏/12‏/2010

العروبة التي ندعو إليها 1-2 العروبة والإسلام ومفهوم الانتماء

هذا المقال هو خلاصة الأفكار التي كونتها من كتابات د.عصمت سيف الدولة ومن محاضرات ومناقشات مع أستاذتي وأخوتي في حزب العمل وأخص بالذكر الأستاذ محمد السخاوي والأستاذ مجدي حسين، وسوف أقوم بتقسيمه إلى جزئين نظرا لطوله.

العروبة ماهي

بداية يجب أن ندرك أنه ليس هناك تناقض بين الفكرة القومية، والعروبة بالأخص وبين الإسلام، وأن الإسلام هو من قام بتكوين الأمة العربية الحالية، فقبل الإسلام لم تكن هناك أمة عربية بالمعنى الصحيح، كانت مجرد قبائل متناحرة متوزعة في الجزيرة العربية، وكانت الشام والعراق وشمال افريقيا تسكنها شعوب غير عربية، ولم تكن في هذه المنطقة سوى القبائل (في الجزيرة العربية مثلا) أو الشعوب (مصر والعراق واليمن مثلا)، ولم تكن هناك أمة مكتملة، فعندما جاء الإسلام وفتح المسلمون الاوائل هذه البلاد، أصبحت جزءا من الأمة الإسلامية، ومع مرور الوقت والتفاعل بين هذه الشعوب والقبائل في ظل استقرار دولة الخلافة لمئات السنين تعربت وصارت عربية لغة وثقافة وهوية، فكانت الأمة العربية.

والقوميات هي صورة من صور التطور الاجتماعي فالمجتمع الإنساني يتطور من الأسرة إلى القبيلة إلى الشعب ثم إلى الأمة القومية ثم إلى الأمة عابرة القوميات، وفي حالتنا هذه فإن الأمة الإسلامية هي الأمة العابرة للقوميات وهي مرحلة النضوج النهائي لكل الأمم القومية بداخله، فالإمة الإسلامية تتكون من عدة أمم قومية كالأمة العربية والفارسية والتركية مثلا، وخصوصية الأمة العربية هنا أنها تكونت بالإسلام، فلم تكن هناك أمة عربية قبل الإسلام، ولكن مثلا كانت هناك أمة فارسية مكتملة التكوين، دخلت في الإسلام وظلت كما هي محتفظة بثقافتها ولسانها حتى الآن.

الخلاصة: العروبة ليست عرقا أو جنسا إنما هي ثقافة وحضارة، وقديما قيل "كل من تكلم العربية فهو عربي"، وأن الأمة العربية ما كانت لتوجد إلا في ظل الإسلام وتحت رايته، وكذلك لا يمكن اتستمرارها أو توحيدها بدونه. كذلك الأمة العربية يجب أن تكون الطليعة لكل الأمم مثلما كانت في بداية الإسلام ( أمّة الدعوة )، الأمة التي تتكلم بلغة القرآن هي المسئولة عن نهضة الأمة الإسلامية وبدونها لن تتحقق، وتمييز الأمة العربية هنا هو تمييز تكليف لا تشريف.

مفهوم الانتماء في الإسلام

لابد لنا أن ندرك شيئا هاما هو أن الإسلام يعترف بالقوميات و الأعراق والانتماءات القبلية ولا يلغيها، فهي طبيعة البشر ""يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ، ولكنه يضعها في اطار محدد ويهذبها ويوظفها بحيث لا تتحول إلى العصبيات أو التمييز العرقي، فلا يكون التمييز بسبب اللون أو الجنس ولكن يكون على أساس التقوى"إن أكرمكم عند الله اتقاكم" و"لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، فمعيار التفضيل الوحيد هنا هو الإيمان، ولكن يظل العربي عربي والأعجمي أعجمي بحكم الاختلاف وليس هذا تمييزا ولا حطا من شأن أحد، بل كان الإسلام يستغل الانتماءات والروابط القبلية والعشائرية والأسرية في مجال التنافس لتحقيق المصلحة، ففي بعض الأحيان كان يتم استغلال العصبيات في القتال والحمية في الغزوات فتعقد راية لكل قبيلة يقاتلون تحتها دفعا للتنافس، بل كان يعقد راية للهاجرين وراية للأنصار، وكان ينزل المهاجرين والأنصار منازل مختلفة، ولا يمكننا أن نقول أن الرسول كان يفرق بينهم بل كانت هذه الدعوى لجذب انتباههم وحثهم على أمر ما، ولقد عرفنا "بلال الحبشي" و"صهيب الرومي" و "سلمان الفارسي" دون أن يكون هناك تعصب أو تمييز مع عدم إلغاء هوياتهم، ودليلا على أن الإسلام يستوعب كل الأجناس والقوميات في نسيج واحد للأمة.

في الحديث الشريف: عن أنس بن مالك . قال : افتتحنا مكة . ثم إنا غزونا حنينا . فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت . قال : فصفت الخيل . ثم صفت المقاتلة . ثم صفت النساء من وراء ذلك . ثم صفت الغنم . ثم صفت النعم . قال : ونحن بشر كثير . قد بلغنا ستة آلاف . وعلى مجنبة خيلنا خالد بن الوليد . قال : فجعلت خيلنا تلوى خلف ظهورنا . فلم نلبث أن انكشفت خيلنا ، وفرت الأعراب ، ومن نعلم من الناس. قال : فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يال المهاجرين ! يال المهاجرين ". ثم قال " يال الأنصار ! يال الأنصار ! " . قال : قال أنس : هذا حديث عمية. قال : قلنا : لبيك . يا رسول الله ! قال : فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فايم الله ! ما أتيناهم حتى هزمهم الله . قال: فقبضنا ذلك المال . ثم انطلقنا إلى الطائف فحاصرناهم أربعين ليلة . ثم رجعنا إلى مكة فنزلنا . قال : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الرجل المائة من الإبل. ثم ذكر باقي الحديث. كنحو حديث قتادة، وأبي التياح، وهشام ابن زيد .رواه مسلم

بينما على الجانب الآخر كان الإسلام يرفض أن تكون القوميات بابا للشعوبية والتعصب للنعرات وأن تكون سببا في تفريق الأمة ، وهناك حديث معروف عن الصحابيان اللذان اختلفا على بئر فنادى أحدهم ياللأنصار ونادى الآخر ياللمهاجرين، وكان رد الرسول صلى الله عليه وسلم أنها دعوى الجاهلية، وكذلك عندما عير أحد الصحابة رجلا آخر بأمه السوداء فقال له النبي أنك أمرؤ فيك جاهلية

ففي الحديث الشريف: عن جابر بن عبد الله:"كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة . فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار. فقال الأنصاري: يا للأنصار ! وقال المهاجري : يا للمهاجرين ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " ما بال دعوى الجاهلية ؟ " قالوا : يا رسول الله ! كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار . فقال " دعوها . فإنها منتنة " فسمعها عبدالله بن أبي فقال : قد فعلوها . والله ! لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. قال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال " دعه. لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه". رواه مسلم

والحديث الآخر: مررنا بأبي ذر بالربذة . وعليه برد وعلى غلامه مثله . فقلنا يا أبا ذر ! لو جمعت بينهما كانت حلة. فقال : إنه كان بيني وبين الرجل من إخوتي كلام . وكانت أمه أعجمية . فعيرته بأمه . فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم . فقال ( يا أبا ذر ! إنك امرؤ فيك جاهلية ) . قلت : يا رسول الله ! من سب الرجال سبوا أباه وأمه . قال ( يا أبا ذر ! إنك امرؤ فيك جاهلية . هم إخوانكم . جعلهم الله تحت أيديكم . فأطعموهم مما تأكلون . وألبسوهم مما تلبسون . ولا تكلفوهم ما يغلبهم . فإن كلفتموهم فأعينوهم ). رواه مسلم

الخلاصة: الإسلام لم يلغ الانتماءات والروابط الأسرية أو العشائرية أو القبلية أو المجتمعية، والشعور بالانتماء لمكان ما أو لقوم ما هو أمر طبيعي في البشر، ونحن نقر هذه الانتماءات مادامت لا تخالف ثوابت الإسلام أو تدعو إلى عصبية أو إلى موالاة اعداء الإسلام ولا تكون سببا في تفريق الأمة.

ترتيب الانتماءات

خلصنا إلى أن حب الأوطان والأهل والانتماء إليها هو من طبيعة البشر ولا ضير في ذلك، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن مكة "والله إنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلى قلبي" ،الرسول صلى الله عليه وسلم يحب مكة لأنها أحب البلاد إلى الله، وكذلك يحبها لأنها أقربها إلى قلبه والتي نشأ فيها هو أمر فطري في البشر.

إن ترتيب الانتماءات يكون بناء على أمرين الأمر الأول هو: ادراك طبيعة الحياة ومحور الصراع وهو الصراع بين الحق والباطل هو الذي يحدد الانتماء والولاء (وهو مرتبط بمفهوم الولاء والبراء)، والأمر الثاني هو أن مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة الأكبر مقدمة على مصلحة الجماعة الأصغر.

فترتيب الانتماءات وفقا لهذه الرؤية فهو يكون كالتالي: الإٍِسلام ثم القومية ثم الشعب ثم العائلة أو القبيلة ثم الأسرة، أو بمعنى أشمل يكون من الانتماء الأوسع إلى الانتماء الأضيق، وانتمائي للاسلام لا يلغي انتمائي للعروبة، لأن الأمة العريبة جزء من الأمة الإسلامية، وكذلك انتمائي للعروبة لا يلغي انتمائي لمصر أو للجزائر أو للعراق أو لسوريا مثلا، لأنهم أجزاء من الأمة العربية، وانتمائي لمصر لا يلغي انتمائي لمحافظة الجيزة أو الشرقية أو الغربية أو الصعيد مثلا وانتمائي للمحافظة لا يلغي انتمائي لعائلتي ثم لأسرتي.

تعارض الانتماءات

نعرف جميعا أنه في الغزوات الأولى في اللإسلام قد حدثي مواجهات بين أبناء القبيلة الواحدة (قريش) وهناك بعض الصحابة ممن وقف في مواجهة أبيه أو اخيه أو عمه فهل هذه خيانة لأسرته أم أنه الولاء للحق والبراء من الباطل؟

فعندما تتعارض هذه الانتماءات لأي سبب، فالأمر الطبيعي والمنطقي أن نقوم بتفضيل الأنتماء الأوسع دائما، فلو تعارضت مصلحتي الشخصية مثلا مع مصلحة أسرتي فقد اتعرض للضرر وأقبله بل وأضحي بنفسي من أجل أسرتي، وقد تتضرر أسرتي من أجل عائلتي أو محافظتي أو وطني أو أمتي.

وقد تثار أسئلة أخرى تنويعا على السؤال الأول مثلا يقال: ماذا لو تعارضت مصلحة المسلم غير المصري أو العربي مع مصلحة غير المسلم المصري أو العربي فهل يكون انتمائك لمصريتك ولعروبتك أم لإسلامك؟ أو من هو اقرب إليك المسلم الأجنبي أو غير المسلم الشريك في الوطن؟

فاجابة السؤال بسيطة للغاية وهي الحديث الشريف "انصر اخاك ظالما او مظلوما" وظالما هنا بدفعه عن الظلم الذي بفعله، فالإسلام يأخذ موقف مضاد ضد الظلم أيا كان الظالم والمظلوم وأيا كان دينهم أو عرقهم، فالإسلام يأخذ جانب المظلومين والمستضعفين دائما، وهذا هو جوهر الصراع بين الحق والباطل وبين العدل والظلم.

للحديث بقية ان شاء الله في الجزء الثاني: هل نحن بحاجة لمشروع عربي؟

26‏/10‏/2010

مالكولم اكس بين المقاومة واللاعنف

هذا المقال تم نشره على صفحة اتحاد الشباب الإسلامي على الفيس بوك، في اطار الاحتفاء بمالكولم كشخصية للشهر
رابط المقال هنا


لا شك أن ما تعرض له مالكولم اكس له أثر كبير على اصراره على تحدي العنصرية، فقد قتل أباه بأيدي العنصريين البيض، وفقد اربعة من أعمامه بنفس الطريقة، وقاسى – مثله ككل السود- من الاضطهاد والعنصرية، ولكن مالكولم اكس قام بتحويل هذه الطاقة السلبية إلى طاقة ايجابية، وأصبح من أشهر الشخصيات واكثرها تأثيرا في القضاء على العنصرية في أمريكا.
يطرح مالكولم اكس مفهوم المقاومة كبديل عن فكرة اللاعنف التي كان ينادي بها مارتن لوثر كينج، والمقاومة هنا تعني دفع الظلم والدفاع عن المستضعفين حتى ولو باستخدام القوة، ويرفض تماما فكرة تلقى الضربات في صمت وصبر، في الوقت الذي يتعرض فيه السود لعمليات اعتداء منظمة من قبل العنصريين، فيقتلون ويشردون وتدمر ممتلكاتهم فقط لأنهم سود البشرة، وكانت هناك العديد من الجماعات العنصرية المسلحة مثل جماعة "الكوكلوكس كلان"، ويرى عددا من المؤرخين أن أسلوب المقاومة هذا قد أتى بثمار كبيرة، وهنا نحن نحاول أن نلقي نظرة عن مفهوم مالكولم للاعنف ومدى تطابقه مع الرؤية الإسلامية.

يقول مالكولم: 
" نحن غير عنيفين مع من لا يستعمل العنف معنا"
"We are nonviolent with people who are nonviolent with us."

ويقول أيضا:
" بخصوص اللاعنف ، أنها لجريمة أن لا تعلم المرء أن يدافع عن نفسه، في حين أنه مستهدف دائما بالاعتداءات الوحشية"
"Concerning nonviolence, it is criminal to teach a man not to defend himself when he is the constant victim of brutal attacks."

ويقول:" إذا كان من الخطأ أن تكون عنيفا في الدفاع عن النساء والأطفال والرضع والرجال السود، إذا فهو من الخطأ أن تحثنا أمريكا على استخدام العنف للدفاع عنها"
"If it is wrong to be violent defending black women and black children and black babies and black men, then it is wrong for America to draft us, and make us violent abroad in defense of her".

ويقول أيضا:" صحافة الرجل الأبيض قد نعتتني بأنني أشد السود غضبا في أمريكا، وأنا لا أنفي هذه التهمة، أنا اتكلم كما أشعر بالضبط، وأؤمن أنها لجريمة في حق أي شخص يتعرض للعنف في أن يقبل هذا العنف دون أن يدافع عن نفسه، أنا مع العنف إذا كان اللاعنف يعني تأجيل حل مشكلة السود في أمريكا"
The American white man’s press called me the angriest Negro in America. I wouldn’t deny that charge; I spoke exactly as I felt. I believe in anger. I believe it is a crime for anyone who is being brutalized to continue to accept that brutality without doing something to defend himself. I am for violence if non-violence means that we continue postponing or even delaying a solution to the American black man’s problem.

ويقول:" ليس لدي أي رحمة أو تعاطف تجاه المجتمع الذي يسحق الناس، ويعاقبهم من أجل أنهم لا يستطيعون الوقوف أمام الضغوط الثقيلة".
I have no mercy or compassion in me for a society that will crush people, and then penalize them for not being able to stand up under the weight.

وبذلك يخالف مالكولم مفهوم اللاعنف، والذي كان يطرحه مارتن لوثر كينج، ولكنه في نفس الوقت لم يكن على عداء معه، بل كان يوضح أنهما يطمحان لتحقيق نفس الهدف، ولكن بمنهج وطريقة مختلفة، فكان يقول:" الدكتور كينج يسعى لتحقيق ما أسعى إليه وهو الحرية"
"Dr. King wants the same thing I want. Freedom."

ويقول ساخرا:" اريد من الدكتور كينج أن يعرف أنني لم آت لأصعب مهمته، لقد أتيت وأنا افكر كيف أجعلها أسهل، فلو لاحظ البيض البدائل التي أطرحها، فلربما يصبحون أكثر رغبه في الاستماع لكينج"
"I want Dr. King to know that I didn't come to Selma to make his job difficult. I really did come thinking I could make it easier. If the white people realize what the alternative is, perhaps they will be more willing to hear Dr. King."

وقد اشتهرت في ذلك الزمن صورة مالكولم وهو يحمل سلاحا ويقف خلف نافذة منزله دفاعا عن أسرته وممتلكاته، وهي صورة تعني الكثير في رأيي، فهو لا يدعو لاستخدام العنف على اطلاقه، بل هو عنف مقنن مرتبط بالدفاع عن النفس، فإذا كان هناك شخص ما يعتدي علي ويحاول قتلي فن حقي أن ادافع عن نفسي وعن أهلي وعن أسرتي.

وتتضح الفكرة تماما عند مالكولم في مقولته الشهيرة:" لا يوجد ماهو في كتابنا –القرآن – ما يدعونا لكي نعاني في هدوء، ديننا يعلمنا أن نكون أذكياء ومسالمين ومهذبين ومطيعين للقانون وأن نحترم كل الناس، ولكن لو حاول أحد الاعتداء عليك فارسله إلى المقبرة، هذا دين جيد، في الحقيقة هو دين لكل زمان"
there is nothing in our book, the Quran, teaches us to suffer peacefully, our religion teaches us to be intelligent, be peaceful, be courteous, obey the law, respect every one, but if someone puts his hand on you, send them to the cemetery, that is a good religion, in fact that is all time religion.

فهو هنا لا يخرج عن النظام والإطار العام للمجتمع، ويقر قواعد مثل التهذيب والاحترام وطاعة القانون والمسالمة، ويرى أنها نابعة من الإسلام في الأساس، ولكن المسالمة لا تعني الاستسلام، فلو قام أحد بالاعتداء عليك فيجب أن ترد ذلك الاعتداء.
هذه الرؤية تتطابق مع الرؤية الإسلامية لمفهوم اللاعنف، فالإسلام يدعو إلى دفع الظلم وكف الأذى والضرب على يد الظالم، وفي نفس الوقت يدعو لعدم الاعتداء دون وجه حق، فنجد في القرآن الكريم:

عدم الاعتداء:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" المائدة 87

"وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" البقرة 190

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" المائدة اية 2

الدفاع عن النفس ورد العدوان:

"الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِين"َ البقرة 194

وفي السنة النبوية الشريفة نجد أيضا:

الدفاع عن الأرض والعرض والمال:

"من قتل دون ماله فهو شهيد . ومن قتل دون دينه فهو شهيد . ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" حديث حسن

" من قتل دون ماله فهو شهيد" صحيح البخاري

"من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد" سنن الترمذي

"من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد ومن قاتل دون دمه فهو شهيد ومن قاتل دون أهله فهو شهيد" رواه بن حزم في المحلى
فهنا يضع الرسول صلوات الله عليه وسلامه، هذا الشخص الذي يدافع عن نفسه أو عن أهله أو عن ماله أو عن دينه في مرتبه الشهداء، وهو ما تتسق تماما معه أفكار مالكولم اكس.

دفع الظلم:

"انصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه، أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره". صحيح البخاري

"إياكم و الجلوس على الطرقات، فإن أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها؛ غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر". صحيح الجامع

ولا شك أن دفع الظلم ومقاومته والأخذ على يد الظالم هي صورة من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو مبدأ أصيل في الإسلام، وقد وردت عشرات الآيات والأحاديث التي تؤكد هذا المبدأ نكتفي منها بهذا الحديث:

"لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا". سنن أبي داوود

وهنا لا يكتفي المسلم بالدفاع عن ما يخصه فقط، بل هو يسعى لدفع الظلم عن إخوانه ومعاونتهم.

ونختم حديثنا بمقوله مالكولم اكس أو الحاج مالك شباز رحمه الله، التي قالها في 29 فبراير 1965 قبل اغتياله بيومين:

"إذا كان الوقت قد حان الآن لسقوط الشهداء، وإذا كنت سأصبح أحدهم، سيكون هذا من أجل الأخوة.هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ هذا البلد".
If it is a time for martyrs now, and if I am to be one, it will be for the cause of brotherhood. That's the only thing that can save this country.

رحمه الله وتقبله من الشهداء

اتحاد الشباب الإسلامي
كريم عاطف

27‏/08‏/2010

هل تموت كاميليا كما ماتت وفاء؟

من هي وفاء؟

وفاء قسطنطين، زوجة كاهن كنيسة أبو المطامير في محافظة البحيرة، أسلمت، وتركت أهلها واحتمت بالمسلمين، واعتصم عدد كبير من الشباب المسيحي في كاتدرائية العباسية مطالبين باعادتها، وقام الأمن المصري باعادتها بالفعل (بتدخل من مبارك شخصيا)، ومازال مصيرها مجهولا حتى الآن، وهناك انباء شبه مؤكدة عن وفاتها جراء التعذيب

من هي كاميليا؟

كاميليا شحاتة زاخر، زوجة الكاهن دير مواس التي أسلمت وتركت زوجها، واحتمت بأسرة مسلمة ، وخرجت مظاهرات في الكنائس تطالب باعادتها، فقام الأمن المصري بإعادتها للكنيسة، وهناك أنباء عن تعرضها لألوان من التعذيب للعودة عن أسلامها

إن تسليم مؤمنة مسلمة إلى غير المسملين هو أمر غير جائز على الاطلاق، وقد كان من شروط صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وكفار مكة، هو "أن يرد المسلمون من يأتيهم من قريش مسلما بدون إذن وليه, وألا ترد قريش من يعود إليها من المسلمين" ، إلا أنه قد صدر أمر إلهي من فوق سبع سماوات بمخالفة هذا الشرط في حالة قدوم المؤمنات، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُن))، ولكن الآن هناك من يقوم بتسليم المؤمنات إلى من يعذبوهن ويقتلوهن.

إننا – كمسلمين – لا يجب أن نضع أنفسنا في مواجهة المسيحيين، وعلينا أن ننظر إلى المشكلة بأبعادها الصحيحة، فالمواجهة هي مع كيانين رئيسيين وهما السبب في هذه المشكة، الأول هو النظام المصري وجهاز أمن الدولة بما يتبعه من سياسة فرق تسد، والثاني هو المؤسسة الرسمية للكنيسة بقيادة البابا شنودة، الذي يقوم بإقامة دولة داخل الدولة، وصناعة زعامة وسط المسيحيين، وتصوير نفسه على أنه المرجع الأعلى لهم وحامي حماهم في ظل دولة تضطدهم و أكثرية من المسلمين تكاد تفتك بهم، وهذه هي الصورة التي يصنعها البابا ومن معه للحفاظ على نفوذهم وسطوتهم، وأي محاولة لتغيير هذه الصرة هي تهديد لسلطة البابا ومن معه.

الخلاصة أن معركتنا الإساسية ليست مع المسيحيين، بل هي مع النظام الفاسد وافرازاته وتوابعه، وعلينا أن نسعى جميعا الا تموت كاميليا كما ماتت وفاء، وألا نتخلى عن قصستها مهما كانت الظروف الضغوط.

23‏/07‏/2010

عن ثورة يوليو

الحديث عن ثورة يوليو لا ينقطع، وبالذات في هذه الأيام من كل عام، وتبدو الآراء متناقضة بعد ما يقرب من ستين عاما على الثورة، فهناك من يرى أنها مجرد انقلاب عسكري ونقطة سوداء في تاريخ مصر، وأنها هي السبب لما نحن فيه الآن، ويهاجم الثورة بكل ما أوتي من قوة، ويمتدح عصر ما قبل الثورة بما ليس فيه، وهناك من يرى أنها كانت خطوة إلى الأمام ومشروعا لنهضة مصر ويدافع عنها باستماتة رافضا كل محاولات النقد، وفي رأيي أن الطرفين كلاهما خطأ، فنحن يجب أن نقيم الأمر بموضوعية بعيدا عن التحيز للمرجعيات والأيدلوجيات، وبعيدا عن مرض التعصب للآراء الذي أصبح هو السائد الآن.

كلنا قرأ أو سمع عن الأوضاع المزرية التي كانت تعيشها مصر في تلك الفترة، وكلنا يعرف كيف كان حال مصر وقتها على المستوي الداخلي والخارجي، فلا أريد الاستفاضة في هذا الأمر، ولكن ينبغي أن نتذكر ما قدمته الثورة لمصر، التي كانت انقلابا عسكريا ثم أصبحت ثورة بتأييد الشعب لها، فالأفكار التي قامت عليها مبادئ ثورة يوليو من التخلص من الاقطاع وسيطرة رأس المال على الحكم والنهضة بمصر، وما طبقته من قوانين للاصلاح الزراعي ومحاولات تضييق الفجوة بين الطبقات بعد أن كانت هوة شاسعة، وادخال الصناعات الثقيلة وصناعات الغزل والنسيج، وبناء السد العالي وتأميم قناة السويس، كل هذه الأفكار كانت تسير في طريق قيام دولة قوية وقوة صناعية اقتصادية، أما على المستوى الخارجي فقد كان هناك دعم لعشرات حركات التحرر في الوطن العربي وفي أفريقيا، وكانت مصر لها الريادة الحقيقية (وليس ما يدعونها الآن) وكانت تقود بوصلة الوطن العربي بكامله.

وكما يقولون فإن الثورات "يصنعها الأبطال ويرثها الأوغاد"، وأنه لا توجد تجربة بشرية كاملة، فقد تخلل عصر الثورة موجات ضخمة من قمع الحريات والاعتقالات والتعذيب، وصعد الكثير من المتسلقين، وتصاعد الخطر الداخلي، كل ذلك في وجود خطر خارجي كان يؤمن بضرورة اجهاض هذا المشروع في بدايته قبل ان تتكون جبهة عربية قوية تقف في وجه مصالح الغرب وتهدد وجود الكيان الصهيوني، فتحالف الخطران لاسقاط هذا المشروع الذي لو كتب له البقاء لتغير الحال، ثم جاء عصر السادات بعكس كل ماجاءت به الثورة، جاء بالاستسلام لأمريكا والكيان الصهيوني، وتدمير الكيان العربي وقطع كل الصلات به، وجاء بالانفتاح الاقتصادي غير المنضبط الذي أدى لظهور طبقة من أصحاب الثراء السريع، وكل ذلك على حساب مشروع نهضة مصر، وجاء نظام مبارك الذي أجهز تماما على مصر، وبدد ثرواتها ودمر اقتصادها وشرد أبنائها، وأصبحت مصر هي الذراع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وتنتزع نفسها من كل أصولها العربية والإسلامية، حتى أصبحت مصر تحتاج إلى ثروة جديدة تجدد شبابها وتدفع بالطاقة في اطرافها، فلا تظلموا ثورة يوليو بالتجني عليها ولكن انظروا إلى من خربوها.

15‏/07‏/2010

نور الحق فتي تونس

نقلا عن مدونة مصر تحت الاحتلال

هو نور الحق شاب تونسي اصيل ابن مدينة بنزرت، يبدو انه ورث كثيرا من بلدته والتي كثر منها المعتقلين السياسين في ظل نظام بن علي القمعي، نشأ طفلا حمل في قلبه هموم وطنه ومن بعده هموم عالمه العربي والاسلامي، خطي نور خطواته الأولي وهو يحلم كأي طفل بأن يحلق في فضاء الحرية، ويسبح بفكره نحو آفاق المستقبل، نحو حلم كل تونسي وكل عربي بأن تلمح عيناه علم فلسطين يرفرف علي ربوع الأرض المحتلة، وسبح في أحلامه والتي هي أحلام كل عربي ومسلم يحب بلاده وودينه ولا تهون عليه كرامته، ولكن تحول الحلم إلى سراب عندما داسته اقدام النظام الغاشم البغيض.

فكان ابن الثامنة عشر خطر ارهابيا علي البلاد، يجب أن تدمر احلامه ويقتل الأمل داخل قلبه، يجب ان يبقي هذا الفتى الحالم في غياهب السجون حتي لا يتسني له أن يحلم أو يطلب أو يفكر أو يعبر، فما للحرية من مكان في عقول جنرالات تونس، قضى نور الحق 10 شهور في السجون تخيلوا عشرة شهور يتم فيها التحقيق في قضية، كيف يحبس قاصرا ولكن الفتي الصغير أصبح عدوا النظام رقم واحد فقرر النظام أن ينقم منه متى سنحت له الفرصة.

تعدى نور المرحله الأليمه وواصل حياته وتفوق في دراسته ودخل كلية الإعلام وهو في سنتها الاولي الآن، ولكن كيف يمكن للفتي أن يحيا وهو علي القائمة السوداء للنظام الغاشم، تم اتهامه باتهامات واهيه بأنه يستخدم الشبكة العنكبوتية ويكتب مقالات يعبر فيها عن تكفيره للدستور التونسي مستخدما اسما مستعارا.

وكعاده كل النظم الدكتاتورية الغبية في كل العالم اتهامات واهيه ليس لها أساس من الصحه إنما هي ليست أكثر من حجر علي حرية الرأي، ومحاوله من نظام يعض اصابعه من تمسح التونسيين بدينهم الحنيف، ويخاف كل الخوف من شاب لا يحمل إلا عقله، أمام جنرالات تحمل القوانين واللوائح والسلطة والقوة، كل ما أراده الفتى أن يعيش حياة هادئة مستقرة، ولكن للاسف كان للنظام رأيا آخر.

نور الحق يقبع الآن في سجون النظام التونسي، ويناديكم من خلف قضبان سجنه، ليس لتساندوه انما لتساندوا كل صوت يخرج لعبرعن رايه، إنما لتساندوا كل قلم يخط نبرات الأمل في ظلمات القهر.

فهل تلبون النداء؟

21‏/05‏/2010

لماذا يجب علينا مقاطعة الانتخابات القادمة?

يرفض الكثير فكرة مقاطعة الانتخابات باعتبارها نوعا من السلبية، ولأن الغالبية الساحقة من الناخبين يقاطعون الانتخابات من الأساس ولا يهتمون بأخبارها ولا يعرفون عنها شيئا، لذلك فالمقاطعة ليس لها معنى، وامتناع الناخبين عن التصويت سيؤدي إلى تزوير أصواتهم كما يحدث في كل انتخابات تقام في مصر، ويطالبون الناس بالتصويت في الانتخابات لصالح مرشحي المعارضة، ويقولون أن مشاركة أكبر عدد من الناخبين في الانتخابات ومحاولتهم تحويل دفة النتائج هي الوسيلة الأمثل للتغيير السلمي بدون أي صدامات أو مواجهات مع النظام أو الأمن، ويرى البعض أنه في حالة حدوث تزوير في أصوات الناخبين فسوف يتم فضح النظام إعلاميا ودوليا حتى تتم اعادة الانتخابات، ولربما يتكرر سيناريو الثورة البرتقالية في أوكرانيا.

وجهة نظر تحترم بالطبع ولكنها تتجاهل حقيقة مؤلمة، وهي أنه لا يمكن ضمان نزاهة الانتخابات بأي شكل من الأشكال، وأنه في الحالات السابقة في بعض الدوائر الانتخابية التي كانت تشهد اقبالا كبيرا من الناخبين بما لا يوافق هوى النظام كان يتم غلق اللجان بقوات الأمن ومنع الناخبين من الوصول بأية طريقة، والنقطة الثانية هي أنه لا يمكن اثبات أن الانتخابات تم تزويرها، فلا يوجد مراقبون ولا يوجد إشراف قضائي ولا أي صورة من صور مراقبة العملية الانتخابية، وحتى في وجود القضاة فإن الأمن يتحايل لتحقيق نتيجة متفق عليها مسبقا، واذكر في التعديلات الدستورية الأخيرة أنه تم منع القضاة من الوصول للجان الفرعية، وأعلن القضاة أن نسبة المشاركة في الاستفتاء لا تتعدى 5% من الناخبين ورغم ذلك استطاع النظام اكتساب الشرعية لهذه التعديلات وأصبحت أمرا واقعا.

باختصار طالما أن الأمن يتدخل في عملية التصويت وعرض النتائج، فإن الانتخابات هي معركة غير متكافئة
بين الناخبين وبين الأمن، ولن تكون هذه المعركة متكافئة إلا عندما يكون الشعب كله في المواجهة، لذا فإن الحل الأمثل في وجهة نظري هو اعلان جميع القوى السياسية مقاطعة الانتخابات، وعدم الاعتراف بشرعيتها من الأساس ودعوة الناس للنزول في الشوارع لاعلان رفضهم للانتخابات، كل هذا سوف ينزع الشرعية من هذه الانتخابات التي تتم برعاية النظام، ويوجد تصورين لتحرك النظام، التصور الأول هو الرضوخ للضغوط الشعبية وتعديل نظام الانتخابات، والتصور الثاني هو أن يقوم النظام بمواجهة الشعب، وهو التصور الأقرب للواقع، لهذا فيجب أن يستعد الشعب والقوى الوطنية لسلسة من الاضرابات والاعتصامات والعصيان المدني بصورة واسعة ويجب أن يرتفع سقف مطالبهم بازالة النظام بالكامل، وهذا التصور قابل للحدوث في حالة انتخابات الرئاسة، ولكن مع ذلك فأنا أرى أنه يجب مقاطعة انتخابات مجلس الشورى القادمة كـ"بروفة" لما يمكن أن يحدث.

هناك بعد أخر لا يدركه بعض الناس وهو أن أمريكا والقوى الغربية لن توافق على نجاح أي تيار يحمل مشروعا وطنيا، سواء كان تيارا إسلاميا أم قوميا أو حتى ليبراليا، فالمشروع الوطني سوف يتعارض بالضرورة مع المصالح الصهيونية والأمريكية في المنطقة، لذلك فأي تيار يضع أولوية مصالح مصر الحقيقية والحفاظ على أمنها القومي في أجندته فلن تعترف به هذه القوى حتى لو جاء بالانتخابات النزيهة، بل وقد تفرض عليه حصارا سياسيا واقتصاديا، كما يحدث مع حركة حماس منذ أكثر من ثلاث سنوات (بغض النظر عن تباين مواقف بعض التيارات مع حماس)، ولكن الثابت أن حركة حماس قد وصلت للحكم بطريقة نزيهة وكان هناك مراقبون دوليون على الانتخابات، ولكن المشكلة أن حماس لا تعترف بالكيان الصهيوني وتضع على أجندتها تحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر، وهذا هو السبب الأساسي للحصار، فلو رضخت حماس واعترفت بشروط اللجنة الرباعية (أهمها الاعتراف بالكيان الصهيوني) لتغير الوضع، فهذه القوى الدولية ليس لديها مانع في التعامل مع الإسلاميين بشرط أن يكونوا "معتدلين"، ومعنى معتدلين هنا هو القبول بالشروط الأمريكية والصهيونية، وما حدث في الصومال من اعتراف امريكا بالشيخ شريف كرئيسا لها بعد أن كان على رأس قائمة الأعداء هو مثال آخر واضح، وتاريخ أمريكا مليء بحالات دعم الأنظمة الديكتاتورية في مقابل تحقيق مصالحها، ودعم نظام مبارك ليس إلا حالة من هذه الحالات.

لذلك فالنموذج الأوكراني (المدعوم أمريكيا وأوروبيا في الأساس في مواجهة روسيا) لا يصلح للتطبيق عمليا في مصر، إلا في حالة واحدة، وهي أن ينهار النظام القائم ويقوم على أنقاضه نظام آخر موالي لأمريكا والصهيونية ملتحفا بعباءة الحرية والديمقراطية المزيفتين، واللتان سرعان ما ستنكشفان ونعود إلى خانة النظام الديكتاوري القمعي الذي يحظى بتأييد أمريكا والكيان الصهيوني.

08‏/03‏/2010

استراتيجية الدعاء

كنت أنوي طرح هذا الموضوع في مدونتي الأخرى التي اكتب فيها ماليس له علاقة بالسياسة ولكن لأهمية هذا الموضوع واتصاله بالقضايا السياسية وجدت أنه مناسب هنا

ملحوظة: هذا الموضوع قد يبدو سوداويا وصادما وهو يعتبر استكمالا للموضوع السابق (عايز تاخد ثواب ببلاش)
---------------------------

الدعاء سلاح المؤمن... للأسف كلمة حق أريد بها باطل، فالكثيرون يقصرون فهم هذه العبارة على الاكتفاء بالدعاء، وهذا نابع من الفهم الخاطئ لاستراتيجية الدعاء، فالدعاء من الممكن أن يكون هو الوسيلة الوحيدة (في حالة دعوة المظلوم المستضعف الذي لا يقوى على أخذ حقه)، ويمكن أن يكون عاملا مساعدا (وذلك في كل الحالات الأخرى) فلا يمكن الاستغناء عن الدعاء بأية حال من الأحوال، ولكن فكرة تعطيل العمل واللجوء للدعاء فقط (مع القدرة على العمل) ليست صحيحة اطلاقا، فلو سألت مثلا أحد هؤلاء هل يستطيع وهو بكامل صحته أن يجلس في منزله ويترك عمله ويقول يارب اطعمني ويارب ارزقني؟ وهو لدية القدره على العمل ولدية الفرصة المناسبة؟ هل يمكن للطالب أن يترك استذكار دروسه ويقول يارب وفقني في امتحاني؟ الإجابة ستكون أن هذا هو صورة صريحة من صور التواكل، إذن فلماذا تفعل ذلك وتترك فرصتك في تغيير كل ماهو حولك؟ لماذا تكتفي بالدعاء على الظاملين وأنت تملك القدرة على مواجهتهم؟ ولماذا تكتفي بالدعاء لتحرير الاقصى وتحرير الأراضي الإسلامية وأنت يمكنك أن تحررها؟ هنا لا تجد إجابة

وعلى هذا الاساس تجد الكثيرين ممن ركنوا إلى استراتيجية التواكل ظنا منهم أنهم مستضعفين أو ضعفاء ولكن هذه ليست هي الحقيقة بل هي وسيلة لإراحة الضمير وتبرير التخاذل والوهن

وتجد بعض من لديهم القدرة على حشد الناس وتحفيزهم يطلقون دعاوى تستفزني بشدة، فتجد من يقول: لنصوم جميعا يوم كذا ولنبتهل إلى الله وندعو أن يحرر المسجد الاقصى، أو لنقوم الليل وندعو الله بكذا وكذا، وهم بهذا يخلطون بين "الدعاء" وبين "التواكل"، ويخلطون بين احتلال الاقصى مثلا وجيش أبرهة الحبشي الذي جاء لهدم الكعبة، ولكن للأسف يبتجاهلون (بحسن أو بسوء نية) أن الحل الإلهي لم يظهر إلا عندما لم يكن هناك من بتصدى لأبرهة بقوته وجبروته

وهنا أجد من الضروري أن أبين حقيقة التوكل لهؤلاء، والأمثلة كثيرة من السنة ومن السيرة ولكن اكتفي بهذه الأمثلة الثلاثة:

الحديث الشريف " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لزرقكم مثلما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا"

المعنى واضح ولكني هنا اريد استخلاص النقطة الأخرى وهي الخروج لطلب الرزق، فالطيور الذي ليس لديها عقل أو قدرة على الفعل، وليس لديها مصدر ثابت للدخل، والتي تعتبر عاجزة في نظر الكثيرين، لا تجلس في مكانها منتظرة أن يهبط عليها الرزق من السماء بل تخرج وتسعى برغم أنها لا تدري إلى أين تذهب أو ماذا تفعل

والرزق هنا برغم أنه هنا مقصود به الطعام أو الغذاء، إلا أنني أرى أن هذا الحديث يصلح لأن يكون شاملا لكل الحياة، فقد لا يمتلك الناس القدرة أن الوسائل الكافية للفعل، ولكن بالعمل والتوكل معا يمكن الوصول إلى النتائج

2- الحديث الشريف الذي يعرفه الجميع :"اعقلها وتوكل"، فعندما وقف رجل عند المسجد واراد الدخول ولم يدر ماذا يفعل بناقته فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم "أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل" فكانت الإجابة "اعقلها وتوكل" ، أي أن التوكل لا يمنعك من الأخذ بالأسباب، أو ما اسميه هنا بالقدرة على الفعل، وأن الأخذ بالاسباب لا يعد انتقاصا من التوكل على الله بل هو شرط أساسي

3- المثال الأوضح على الاطلاق هو الهجرة النبوية، فكان بإمكان الله سبحانه وتعالى (وهو على كل شيئ قدير) أن ينقل النبي من مكة إلى المدينة في غمضة عين ودون أي تعب أو مجهود، ولكن سنن الله في خلقه وأهمية الأخذ بالأسباب كانت سببا في اتباع الطريقة البشرية في التخطيط والتنفيذ، وبرغم كل ذلك استطاع المشركين أن يصلوا إلى مكان اختباء الرسول صلى الله عليه سلم ومعه سيدنا أبا بكر، وهنا ظهر معنى التوكل أو التوفيق من الله فلم يرهما أحد

نكتفي بهذا القدر ولنا عودة إن شاء الله .


21‏/02‏/2010

الله أكبر ... الإفراج عن أحمد دومة

بحمد الله وبفضله تم الأفراج عن البطل أحمد دومة بعد احتجازه لما يزيد عن أسبوعين بعد انقضاء مدة سجنه وهو في طريقه الآن إلى القاهرة، وكان أحمد دومة قد سافر إلى قطاع غزة العام الماضي وقت العدوان الصهيوني على القطاع، وقد تم اعتقاله عقب عودته إلى مصر وإحالته إلى المحاكمة العسكرية التي حكمت عليه بالسجن لمدة عام

تصريح صحفي حول ما نشر بجريدة المصري اليوم

صرح الأمين العام المفوض لحزب العمل الأستاذ عبد الحميد بركات بأن ما نشر في جريدة المصري اليوم بتاريخ 2010-02-20 تحت عنوان :حزب العمل المجمد يعود الى الحياة برئاسة أسمهان ابراهيم شكري ما هو إلا جزء من المخططات الأمنية التي لم تتوقف منذ تجميد الحزب بهدف المحاولة لزعزعة عمل الحزب المتنامي والمتواجد على الساحة السياسية والذي لم يستطيع الأمن أو النظام ايقافه بصرف النظر عن التجميد أو غيره ، ونحن نؤكد أن حزب العمل بخطه السياسي والعقائدي في مواجهة الفساد والاستبداد والتبعية والعمالة مع الأمريكان والصهاينة ..
بقيادة المستشار محفوظ عزام رئيس الحزب ومجدي أحمد حسين الأمين العام لم يتوقف عن العمل الدؤب لحظة واحدة وأثبت وجوده علي الساحة السياسية سواء في الداخل أو في الخارج ولم ينتظر من لجنة الأحزاب المشكلة من الحزب الوطني أن تعطيه شرعية العمل بل كانت أحد أهم مطالبه هو الغاء هذه اللجنة التي دأبت على افساد الحياة السياسية في مصر ونحن نعاهد أمانات الحزب في المحافظات وكوادر وأعضاء وأصدقاء الحزب الذين أكدوا في كافة المؤتمرات شرعية حزب العمل برئاسته المتمثلة في رئيسه المستشار محفوظ عزام وأمينه العام مجدي حسين والذين باركوا وأيدوا مواقف الحزب السياسية في كافة المجالات ..أننا مستمرون في عملنا وأنشطتنا ولن تضعفنا أية محاولات أمنية وأن الحزب الذي تشكلت مؤسساته عبر انتخابات حزبية صحيحة حددت مساره الصحيح .. لن يوقفه أي محاولات وتخطيطات غير شرعية عن أهدافه الأساسية وبرنامجه السياسي..نحن مستمرون في عملنا وصابرون ومنتصرون بإذن الله.