23‏/07‏/2010

عن ثورة يوليو

الحديث عن ثورة يوليو لا ينقطع، وبالذات في هذه الأيام من كل عام، وتبدو الآراء متناقضة بعد ما يقرب من ستين عاما على الثورة، فهناك من يرى أنها مجرد انقلاب عسكري ونقطة سوداء في تاريخ مصر، وأنها هي السبب لما نحن فيه الآن، ويهاجم الثورة بكل ما أوتي من قوة، ويمتدح عصر ما قبل الثورة بما ليس فيه، وهناك من يرى أنها كانت خطوة إلى الأمام ومشروعا لنهضة مصر ويدافع عنها باستماتة رافضا كل محاولات النقد، وفي رأيي أن الطرفين كلاهما خطأ، فنحن يجب أن نقيم الأمر بموضوعية بعيدا عن التحيز للمرجعيات والأيدلوجيات، وبعيدا عن مرض التعصب للآراء الذي أصبح هو السائد الآن.

كلنا قرأ أو سمع عن الأوضاع المزرية التي كانت تعيشها مصر في تلك الفترة، وكلنا يعرف كيف كان حال مصر وقتها على المستوي الداخلي والخارجي، فلا أريد الاستفاضة في هذا الأمر، ولكن ينبغي أن نتذكر ما قدمته الثورة لمصر، التي كانت انقلابا عسكريا ثم أصبحت ثورة بتأييد الشعب لها، فالأفكار التي قامت عليها مبادئ ثورة يوليو من التخلص من الاقطاع وسيطرة رأس المال على الحكم والنهضة بمصر، وما طبقته من قوانين للاصلاح الزراعي ومحاولات تضييق الفجوة بين الطبقات بعد أن كانت هوة شاسعة، وادخال الصناعات الثقيلة وصناعات الغزل والنسيج، وبناء السد العالي وتأميم قناة السويس، كل هذه الأفكار كانت تسير في طريق قيام دولة قوية وقوة صناعية اقتصادية، أما على المستوى الخارجي فقد كان هناك دعم لعشرات حركات التحرر في الوطن العربي وفي أفريقيا، وكانت مصر لها الريادة الحقيقية (وليس ما يدعونها الآن) وكانت تقود بوصلة الوطن العربي بكامله.

وكما يقولون فإن الثورات "يصنعها الأبطال ويرثها الأوغاد"، وأنه لا توجد تجربة بشرية كاملة، فقد تخلل عصر الثورة موجات ضخمة من قمع الحريات والاعتقالات والتعذيب، وصعد الكثير من المتسلقين، وتصاعد الخطر الداخلي، كل ذلك في وجود خطر خارجي كان يؤمن بضرورة اجهاض هذا المشروع في بدايته قبل ان تتكون جبهة عربية قوية تقف في وجه مصالح الغرب وتهدد وجود الكيان الصهيوني، فتحالف الخطران لاسقاط هذا المشروع الذي لو كتب له البقاء لتغير الحال، ثم جاء عصر السادات بعكس كل ماجاءت به الثورة، جاء بالاستسلام لأمريكا والكيان الصهيوني، وتدمير الكيان العربي وقطع كل الصلات به، وجاء بالانفتاح الاقتصادي غير المنضبط الذي أدى لظهور طبقة من أصحاب الثراء السريع، وكل ذلك على حساب مشروع نهضة مصر، وجاء نظام مبارك الذي أجهز تماما على مصر، وبدد ثرواتها ودمر اقتصادها وشرد أبنائها، وأصبحت مصر هي الذراع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وتنتزع نفسها من كل أصولها العربية والإسلامية، حتى أصبحت مصر تحتاج إلى ثروة جديدة تجدد شبابها وتدفع بالطاقة في اطرافها، فلا تظلموا ثورة يوليو بالتجني عليها ولكن انظروا إلى من خربوها.

15‏/07‏/2010

نور الحق فتي تونس

نقلا عن مدونة مصر تحت الاحتلال

هو نور الحق شاب تونسي اصيل ابن مدينة بنزرت، يبدو انه ورث كثيرا من بلدته والتي كثر منها المعتقلين السياسين في ظل نظام بن علي القمعي، نشأ طفلا حمل في قلبه هموم وطنه ومن بعده هموم عالمه العربي والاسلامي، خطي نور خطواته الأولي وهو يحلم كأي طفل بأن يحلق في فضاء الحرية، ويسبح بفكره نحو آفاق المستقبل، نحو حلم كل تونسي وكل عربي بأن تلمح عيناه علم فلسطين يرفرف علي ربوع الأرض المحتلة، وسبح في أحلامه والتي هي أحلام كل عربي ومسلم يحب بلاده وودينه ولا تهون عليه كرامته، ولكن تحول الحلم إلى سراب عندما داسته اقدام النظام الغاشم البغيض.

فكان ابن الثامنة عشر خطر ارهابيا علي البلاد، يجب أن تدمر احلامه ويقتل الأمل داخل قلبه، يجب ان يبقي هذا الفتى الحالم في غياهب السجون حتي لا يتسني له أن يحلم أو يطلب أو يفكر أو يعبر، فما للحرية من مكان في عقول جنرالات تونس، قضى نور الحق 10 شهور في السجون تخيلوا عشرة شهور يتم فيها التحقيق في قضية، كيف يحبس قاصرا ولكن الفتي الصغير أصبح عدوا النظام رقم واحد فقرر النظام أن ينقم منه متى سنحت له الفرصة.

تعدى نور المرحله الأليمه وواصل حياته وتفوق في دراسته ودخل كلية الإعلام وهو في سنتها الاولي الآن، ولكن كيف يمكن للفتي أن يحيا وهو علي القائمة السوداء للنظام الغاشم، تم اتهامه باتهامات واهيه بأنه يستخدم الشبكة العنكبوتية ويكتب مقالات يعبر فيها عن تكفيره للدستور التونسي مستخدما اسما مستعارا.

وكعاده كل النظم الدكتاتورية الغبية في كل العالم اتهامات واهيه ليس لها أساس من الصحه إنما هي ليست أكثر من حجر علي حرية الرأي، ومحاوله من نظام يعض اصابعه من تمسح التونسيين بدينهم الحنيف، ويخاف كل الخوف من شاب لا يحمل إلا عقله، أمام جنرالات تحمل القوانين واللوائح والسلطة والقوة، كل ما أراده الفتى أن يعيش حياة هادئة مستقرة، ولكن للاسف كان للنظام رأيا آخر.

نور الحق يقبع الآن في سجون النظام التونسي، ويناديكم من خلف قضبان سجنه، ليس لتساندوه انما لتساندوا كل صوت يخرج لعبرعن رايه، إنما لتساندوا كل قلم يخط نبرات الأمل في ظلمات القهر.

فهل تلبون النداء؟